وقد روى ذلك الإمام أحمد عن جابر مفصلًا . قال جابر : قلنا : يا رسول الله، علام نبايعك ؟ قال :
( على السمع والطاعة في النشاط والكسل .
وعلى النفقة في العسر واليسر .
وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وعلى أن تقوموا في الله، لا تأخذكم في الله لومة لائم .
وعلى أن تنصرونى إذا قدمت إليكم، وتمنعونى مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة ) .
وفي رواية كعب ـ التي رواها ابن إسحاق ـ البند الأخير فقط من هذه البنود، ففيه : قال كعب : فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلا القرآن، ودعا إلى الله، ورغب في الإسلام، ثم قال : ( أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نسائكم وأبناءكم ) . فأخذ البراء ابن مَعْرُور بيده ثم قال : نعم، والذي بعثك بالحق نبيًا، لنمنعنك مما نمنع أُزُرَنا منه، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحرب وأهل الْحَلْقَة، ورثناها كابرًا عن كابر .
قال : فاعترض القول ـ والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أبو الهيثم بن التَّيَّهَان، فقال : يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال حبالًا، وإنا قاطعوها ـ يعنى اليهود ـ فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله إن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟
قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال : ( بل الدَّمُ الدَّمُ، والهَدْمُ الْهَدْمُ، أنا منكم وأنتم منى، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم ) .